عنوان القصيدة : المضرية في الصلاة على خير البرية
الشاعر : الأمام البوصيري
يا ربِّ صلِّ على المُختارِ مِن مُضَرٍ والأَنبِيَا وجميعِ الرُّسْلِ مَا ذُكِروا
وصلِّ ربِّ على الهَادي وشِيعَتِهِ وصَحبِهِ مَنْ لِطَيِّ الدِّينِ قَدْ نَشَروا
وجاهَدوا معه في اللهِ واجْتَهَدوا وهاجَروا ولَهُ آوَوْا وقَدْ نَصَروا
وبَيَّنوا الفَرْضَ والْمَسْنونَ واعْتَصَبوا للهِ واعْتَصَموا باللهِ فانْتَصروا
أَزْكَى صَلاةٍ وأَنْماها وأَشْرَفَها يُعَطِّـرُ الكَوْنَ مِنْها نَشْرُها العَطِرُ
مَعْبوقَةً بِعَبيقِ المِسْكِ زَاكِيَةً مِن طِيبِها أَرَجُ الرِّضْوانِ يَنْتَشِرُ
عَدَّ الحَصَى والثَّرَى والرَّمْلِ يَتْبَعُها نَجْمُ السَّمَا ونَبَاتُ الأَرْضِ والمَدَرُ
وعَدَّ وَزْنَ مَثَاقِيلِ الجِبَالِ كَمَا يَلِيْهِ قَطْرُ جَمِيعِ المَاءِ والمَطَرُ
وَعَدَّ ما حَوَتِ الأَشْجَارُ مِنْ وَرَقٍ وَكُلِ حَرْفٍ غَدَا يُتْلَى ويُسْتَطَرُ
والوَحْشِ والطَّـيْرِ والأَسْمَاكِ مَعْ نَعَمٍ يَليهِمُ الجِنُّ والأَمْلاكُ والبَشَرُ
والذَّرُّ والنَّمْلُ مَعْ جَمْعِ الحُبُوبِ كَذَا والشَّعْرُ والصُّوف والأَرْيَاشُ والوَبَرُ
وما أَحَاطَ بِهِ العِلْمُ المُحيِطُ ومَا جَرَى بِهِ القَلَمُ المَأْمُورُ والقَدَرُ
وَعَدَّ نَعْمائِكَ اللَّاتي مَنَنْتَ بِها عَلَى الخَلائِقِ مُذْ كانوا ومُذْ حُشِروا
وَعَدَّ مِقْدَارِهِ السَّامِي الذَّي شَرُفَتْ بِهِ النَّبِيُّونَ والأَمْلاكُ وافْتَخَرُوا
وَعَدَّ ما كانَ في الأَكْوانِ يا سَنَدِي ومَا يَكوُنُ إِلى أَنْ تُبْعَثَ الصُّوَرُ
في كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ يَطْرِفونَ بِها أَهْلُ السَّمَواتِ والأَرْضِينَ أَوْ يَذَرُوا
مِلْءَ السَّمَواتِ والأَرْضِينَ مَعْ جَبَلٍ والْفَرْشِ والْعَرْشِ والكُرْسِي وما حَصَرُوا
مَـا أَعْـدَمَ اللهُ مَوْجـُودَاً وأَوْجَـدَ مَعْــدُومَاً صَلـَاةً دَوَامَـاً لَيـْسَ تَنْحَـصِرُ
تَسْتَغْرِقُ العَدَّ مَعْ جَمْعِ الدُّهُورِ كَمَا تُحِيطُ بِالحَـدِّ لا تُبْقِي ولا تَذَرُ
لا غَايَةَ وانْتِهَاءَ يَا عَظِيمُ لَهَا ولا لَهَا أَمَـدٌ يُقْضَى فَيُـعْتَبَرُ
وعَدَّ أَضْعَافِ ما قَدْ مَرَّ مِنْ عَدَدٍ مَعْ ضِعْفِ أَضْعافِهِ يا مَنْ لَهُ الْقَدَرُ
كَمَا تُحِبُّ وتَرْضَى سَيِّدي وكَمَا أَمَرْتَنا أَنْ نُصَلِّي أَنْتَ مُقْتَدِرُ
مَعَ السَّلامِ كَمَا قَدْ مَرَّ مِنْ عَدَدٍ رَبِّ وضاعِفْهُمَا والفَضْلُ مُنْتَشِرُ
وكُلُّ ذلكَ مَضْروبٌ بِحَقِّكَ في أَنْفاسِ خَلْقِكَ إِنْ قَلُّوا وإِنْ كَثُرُوا
يا رَبِّ واغْفِرْ لِقاريهَا وسَامِعِهَا والمُسْلِمينَ جَميعاً أَيْنَمَا حَضَروُا
وَوالِدينـا وأَهْلينـَا وجيرَتِنـَا وكُلُّنـَا سَيِّدي لِلْعَفْوِ مُفْتَقـِرُ
وقَدْ أَتَيْتُ ذُنوبَاً لا عِـدَادَ لَها لَكِنَّ عَفْوَكَ لا يُبْقِي ولا يَذَرُ
والْهَمُّ عَنْ كُلِّ ما أَبْغِيهِ أَشْغَلَني وقَدْ أَتَى خاضِعَاً والْقَلْبُ مُنْكَسِرُ
أَرْجوكَ يا رَبِّ في الدَّارَيْنِ تَرْحَمُنا بِجاهِ مَنْ في يَدَيْهِ سَبَّحَ الحَجَرُ*
يا رَبِّ أَعْظِمْ لَنا أَجْرَاً ومَغْفِرَةً فَإِنَّ جودَكَ بَحْرٌ لَيْسَ يَنْحَصِرُ
واقْضِ دُيونَاً لَها الأَخْلاقُ ضائِقَةٌ وفَرِّجِ الْكَرْبَ عَنَّا أَنْت مُقْتَدِرُ
وكُنْ لَطيفَاً بِنا في كُلِّ نازِلَةٍ لُطْفَاً جَميلَاً بِهِ الأَهْوالُ تَنْحَسِرُ
بِالمُصْطَفَى الْمُجْتَبَى خَيْرِ الأَنامِ ومَنْ جَلالَةً نَزَلَتْ في مَدْحِهِ السُّوَرُ*
ثُمَّ الصَّلاةُ على المُخْتارِ ما طَلَعَتْ شَمْسُ النَّهارِ وما قَدْ شَعْشَعَ القَمَرُ
ثُمَّ الرِّضَى عَنْ أَبي بَكْرٍ خَليفَتِهِ مَنْ قامَ مِنْ بَعْدِهِ للدِّينِ يَنْتَصِرُ
وعَنْ أَبي حَفْصٍ الفاروقِ صاحِبِهِ مَنْ قَولُهُ الفَصْلُ في أَحْكامِهِ عُمَرُ
وَجُدْ لِعُثْمانَ ذِي النُّورَينِ مَنْ كَمُلَتْ لَهُ المَحاسِنُ في الدَّارَيْنِ والظَّفَرُ
كَذَا عَلِيُّ مَعَ ابْنَيْـهِ وأُمِّهِمـا أّهْلُ العَبَاءِ كَمَا قَدْ جاءَنا الخَبَرُ
سَعْدٌ سَعيْدُ ابْنُ عَوفٍ طَلْحَةٌ وأَبو عُبَيْدَةٍ وزُبَيـْرٌ سـادَةٌ غـُرَرُ
وحَمْزَةٌ وكَذَا العَبَّـاسُ سَيِّدُنَـا ونَجْلُهُ الْحَبْرُ مَنْ زَالَتْ بِهِ الغِيَرُ
والآَلُ والصَّحْبُ والأَتْبَاعُ قاطِبَةً ما جَنَّ لَيْلُ الدَّياجِي أَو بَدَا السَّحَرُ