1/ البحث :
هو جمع أكبر كم ممكن من المعلومات في باب معين ودراستها من عدة جوانب معينة تخص ذات الباب , للوصول إلى حق متبع يُعْبَد الله به ويدان على بصيرة .
2/ فائدته :
للبحث فوائد جمة إذا قام بها الشخص بإخلاص واجتهاد ومنها :
1-جمع أكبر كم من المعلومات ودقائق الباب المبحوث فيه .
2-معرفة الحق بغلبة الظن ليعبد الله به عن علم وذلك يكون بالترجيح عند الخلاف , أو تتبع قول أئمة الهدى ومصابيح الدجى .
3-تجنب التقليد وتحاشيه بمعرفة الباحث من أين أخذ وصفة الأخذ ومصدر الدليل .
4-التعرف على عدد كبير من العلماء والمؤلفين .
5-التعرف على طبقاتهم , شيوخهم وتلاميذهم وعصرهم وهذا بحد ذاته علم يسمى علم الطبقات .
6-التعرف على مذاهبهم وعقائدهم والفن العلمي الذي تخصصوا فيه .
7-التعرف على جملة كبيرة من كتب كل فن .
8-تعلم كيفية استخراج المعلومة المرادة من الكتاب .
9-الاطلاع على أساليب العلماء في كتبهم وملاحظة تنوعها بتنوع شخصية كاتبها.
10- تعلم كيفية الاستنباط من الدليل ,وملاحظة الخطأ.
11- تعلم كيفية الرد وأساليب الرد ..
ولكل أسلوب سبب فتكتسب لنفسك ما تراه يناسبك .
**********--------**********
**********--------**********
3/ صفة البحث :
تختلف صفة وطريقة البحث باختلاف العلوم فكل علم له طريقة خاصة في استخراج درره وتحصيل جوهره وريحانته ..
وهاك نبذ مختصرة عن كيفية التحصيل وطريقة التفتيش لكل علم ، نبدؤها بقولنا :
بسم الله الرحمن الرحيم
........
....
..
• خامساً : الفقه .
وهو أساس كتابة هذا الملخص فنتكلم فيه بشيء من التفصيل .
الفقه : هو معرفة الأحكام الشرعية للمسائل الفرعية .. فهو عبارة عن مسائل متعددة ومتجددة , وتقوم على أساس علم الأصول – أصول الفقه - وعند البحث يتبع الباحث الأمور التالية :
-1- التعرف على المصادر والمراجع الفقهية : وهي كتب المذاهب ونضرب لها أمثلة .
1/ مذهب الحنفية : ومن كتبهم : كتب الطحاوي كمعاني الآثار وشرحه ، و فتح القدير لابن الهمام وبدائع الصنائع للكاساني والبحر الرائق لابن نجيم . وحواشي ابن عابدين وغيرها ..
2/ مذهب المالكية : ومن كتبهم :تهذيب المدونة للقيرواني والاستذكار لابن عبد البر وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ، وشروح مختصر خليل. وغيرها كثير ..
3/ مذهب الشافعية : ومن كتبهم : كتب النووي كالمجموع وروضة الطالبين وغيرها .. ومغني الشربيني والحاوي للماوردي ، وكتب الهيتمي والرملي . وكتاب الأم للشافعي .
4/ مذهب الحنابلة : ومن كتبهم : كتب ابن قدامة ومنها المغني والكافي والفروع لابن مفلح والإنصاف للمرداوي وشروح الروض المربع للبهوتي .وغيرها
5/ مذهب الظاهرية : المحلى لابن حزم.
6/ وهناك كتب أخرى لم تلتزم المذهب :ككتب المحققين من المتأخرين وغيرهم ومنها :
كتب الطبري كتهذيب الآثار ,
والفقه على المذاهب الأربعة للجزيري,
ونيل الأوطار للشوكاني ، والسيل الجرار له
والروضة الندية لصديق حسن خان القنوجي البخاري الأمير
وسبل السلام للأمير الصنعاني
وفقه السنة لسيد سابق
وكتب شروح الحديث كشروح البخاري ومسلم وغيرها ..
*********
ويمكن القول أن أهم كتب لابد من توفرها في عمل بحث صغير سريع :
مغني ابن قدامة
ومجموع النووي – فيما كتبه هو –
والمحلى ,
وبهذا تستطيع الاطلاع على الأقوال المذكورة وأدلة كل قول .
ثم كتب المحققين المذكورة وبهذا يستنبط الباحث ويصل إلى الترجيح من فهم كلام العلماء . ويستحسن عدم إهمال كتب المعاصرين .
-2- تأسيس المسألة المراد البحث فيها :
-3- البحث عنها في كتب المذاهب لمعرفة :
* الخلاف والأقوال.
* دليل كل قول.
-4- طريقة البحث عنها تكون ابتداءً عن طريق الفهارس الموضوعة , ثم مع الزمن والاستمرارية يكتشف الباحث طرق أخرى تخصه ويمكن تسميتها بملكة مكتسبة .
-5- التدوين . ويدون ما يلي:
- الخلاف وعدد الأقوال .
- نسبة الأقوال لقائليها .
- دليل كل قول .
- مدافعة صاحب القول عن قوله .
- وهذا كله من كتبهم ولابد أن يذكر المرجع الذي أخذ منه .
-6- وقبل الترجيح لابد من البحث عن الأحاديث المذكورة في المسألة ومعرفة درجة الحديث ,وعليها يبنى الترجيح .
وإذا كان الباحث ليس بأهل أن يعرف ذلك بنفسه _ أعني صحة الحديث من ضعفه - فينظر ويتبع العلماء الموثوق بعلمهم في هذا الباب كالألباني والأرناؤوط والوادعي من أهل العصر الحالي , فإن اُرتج عليك واضطربتَ فعليك بقول المتقدم على أن هذا هو الأصل الذي ينبغي العمل به ولكن قليل الخبرة بهذا العلم عليه أولاً أن يتتبع المعاصرين حتى يتقن طريقة الأخذ والتحقيق.
-7- الترجيح :
ويكون أولاً :
• بتفويض العلم لله فلا يختار قولاً إلا وهو يقدمه ويختمه بـ (الله أعلم).
• يذكر القول الذي ترجح له .
• تعليل الترجيح وسبب الاختيار .
• تثبيت الترجيح بتضعيف بقية الأقوال .
• تدعيم الترجيح بذكر من وافقه من المحققين المتقدمين والمتأخرين كابن تيمية وابن القيم وابن حجر. ..
• ويستحسن دائماً ألا يخرج عن قول فيه صحابي إذا صح السند إليه .
• ثم لابد أولاً وقبل كل شيء التأكد من صحة الحديث الذي بُنِيَ عليه الترجيح .
-8- كيفية الوصول للراجح :
لا يمكن الوصول للترجيح إلا بأمرين :
1/ معرفة درجة الأحاديث - صحة وضعفاً - التي تعتمد عليها المسألة قبل الشروع في الترجيح . وذلك لإقصاء كل قول لا يعتمد على دليل صحيح , وبهذا تتناقص الأقوال المطلوب الترجيح بينها .
2/ العلم بقواعد أصول الفقه التي بها يجمع بين أدلة الأقوال في حال كون الأدلة صحيحة السند .
-9- التوقف :
في حالة عدم القدرة على ترجيح أحد الأقوال على الأخرى فإن هناك مسلكاً يسمى " مسلك التوقف " وبه يعلن الباحث توقفه في المسألة ويعمل بالقول الأحوط الذي تتفق عنده الأقوال فلا يخالف أحدها ولا يكون محل إنكار في الغالب من أحد الأقوال وذلك حتى يفتح الله عليه فيها .
**********--------**********
**********--------**********
4/ آفات البحث وخلق الباحث :
وهذه بعض الصفات التي يقبح بطالب العلم الاتصاف بها في حال وضع البحوث ومنها .
• آفة الترجيح المسبق :
لا ينبغي للباحث أن يبحث في مسألة هو أحد أطرافها أو مائلاً لأحد الأقوال فيها لأن هذا يؤثر على الترجيح وطلب الحق , والأصل أن يتجرد الباحث من كل ميل لقول عالم أو لدليل حفظه أو لعلم سابق عنده لا يريد تغييره ..
فأصل فائدة البحث طلب الحق ، لا محاولة دفع ما يعارض ما يعتقده الباحث مسبقاً .
فيكون دائماً متجرداً عن أي عواطف قد تؤثر عليه ,
فيجمع الأقوال ويطبق القواعد وينظر في الأدلة ومنها يتوصل إلى الحق الذي يتعبد الله به .
وكان الشافعي يقول : ما ناظرت أحداً قط فأحببت أن يخطىء .
وقال : ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان ويكون عليه رعاية من الله تعالى وحفظ ،
وما كلمت أحداً قط وأنا أبالي أن يبين الله الحق على لساني أو على لسانه :
وقال : ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها مني إلا هبته واعتقدت محبته، ولا كابرني أحد على الحق ودافع الحجة إلا سقط من عيني ورفضته ..
• طروء ما يوجب تغير الترجيح :
قد يكون البحث قاصراً ثم بعد فترة من انتهاء البحث يكتشف الباحث دليلاً في المسألة لم يطلع عليه أو قول جديد لم يعرفه . فهنا الواجب أن يعود فيطبق على هذا الجديد تلك القواعد التي بها رجح مسألته ..
فإن توافقت القواعد في تأويل هذا الجديد ورده واطمأنت نفسه فبها ونعمت , وإلا فالواجب شرعاً إعلان التراجع وجوباً شرعياً لأنه يكون بذلك راداً لحديث أو للحق أصلاً.
• التعالم :
صفة قبيحة بطالب العلم لا ينبغي أن يتصف بها الباحث ومن أماراتها :
- الاستخفاف بالعلماء وعدم معرفة قدرهم وحقهم على الأمة .
- الاستهتار بأقوالهم وردها بقوة وبغير احترام لهم . ولهذا لا أنصح بالإكثار من قراءة المحلى لابن حزم لغير طالب علم متمكن , وكما أنه شد على أهل العلم ممن قبله لم يحترمه من أتى بعده من العلماء فكالوا له من نفس السلة التي كال لمن قبله بها.
- اختيار قول لم يسبق إليه " لأنهم رجال ونحن رجال"
وهذا مما لا ينبغي :
أن يزاد في المسألة قول لم يسبق إليه , لا تقل في المسألة إلا ولك بها إمام كذا قال الإمام أحمد بن حنبل وهم هم ، وفي القرون الأولى حيث الاجتهاد المطلق فما بالك بمن تأخر عنهم إلى هذه الأزمان ؟
وقد شدد في النهي عن هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وكل من نعرف من أهل العلم .
أما في حالة كون المسألة لم تعرض قبلاً , فهي من المستحدثات العصرية , فلا حرج إذا كنت أهلاً للفتيا.
وإذا قيل فلماذا العالم الفلاني فعلها؟
فهذا مع كونه سوء أدب مع العلماء ,فإنك قد قلتها إنه عالم ..
ثم إن العالم قد يخطئ . وقد يكون له وجهة نظر صائبة تقدر بقدرها وقد وقد..
فالواجب الاعتذار عنهم لا تأنيبهم .
• ومما يعين على دفع التعالم أمور منها :
1-يجب على الباحث دائماً تصدير ترجيحه بتفويض العلم له سبحانه : (الله أعلم).
2-عند الترجيح لا يقول : الراجح كذا والصحيح كذا , وأرى في المسألة كذا وأفتي فيها بكذا .
فهذه أمور ينبغي اجتنابها من باب التواضع , ما لم تكن المسألة من المسائل المفصول فيها والمخالف قوله مردود ودليله ضعيف ، فيقال الصحيح والراجح ولا بأس .
وليكن قوله دائماً اطمأنت نفسي لقول كذا ، وارتاحت لمذهب كذا أو النفس تميل إلى كذا .. وغيرها من أمثال هذه العبارات .
3- تـنـبـيــه :
هذه العبارات " الصحيح والراجح " لا بأس من ذكرها لمن توفرت فيه هذه الأمور :-
- من لم يعتمد في بحثه على أحد .
- أن يكون ألم بالمسألة من أكثر جوانبها .
- ألا يكون ناقلاً عن غيره بل مستفيداً الأقوال من كتب قائليها .
- أن يكون جمع الأقوال والأدلة وطبق القواعد وفحص الأدلة .
4- فهنا لا حرج عليه في ذكر تلك اللفظة ولكن بشرط :
كونها على الورق ، أو لمدرس يلقي على طلابه ، أو يخصصها بنفسه فيقول : الصحيح في نظري .
أما في المناقشة والمناصحة فلا . لأن الصحيح من الأقوال عندك ليست كذلك عند غيرك والمسألة غالباً حسب غلبة الظن ترجح .
فإذا خالفك الخصم فلا يقال له الصحيح كذا فهذا من باب التعالم عليه ولكن يجره إليه بالمناقشة ويلزمه ويقنعه به أو يلجأ إلى العبارات التواضعية .
5- أما قول " أرى وأفتي " فليست تليق بطلاب العلم أصلاً .
6-لا يكثر طالب العلم المناصحة والإنكار في المسائل الخلافية التي تسع الطرفين فلا يكن الإنكار إلا في الواضحات فقط لكي لا يقع الطالب في المراء والجدل المنهي عنه .
إلا إن يكن نقاشاً بأسلوب علمي ، ويقبل التراجع إن تبين له ضعف ما هو عليه , ولا يصر و يجادل خصمه إن أبى قبول الحق .
فإن كان الخلاف خلاف أفهام فالأولى عدم المناقشة ما لم يكن الخصم يطلب التعلم .
7-ثم إذا رأى خصمه لا يقبل الحق فليغلق الباب ويحول دفة الحديث حتى لا يصل إلى الجدال العقيم و .. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
**********--------**********
**********--------**********
5/ التقليد :
وهو لغة : من القلادة ..
وشرعاً : هو إتباع قول من ليس بحجة بغير حجة . فكل من سوى النبي صلى الله عليه وسلم ليس بحجة فلا يتبع قوله إلا بحجة شرعية .
وقد ذم العلماء التقليد سلفاً وخلفاً منهم أئمة المذاهب الأربعة ومن قبلهم ومن بعدهم إلى عصرنا هذا .
والتقليد بالمعنى المذكور حكمه التحريم , حرام على كل من عنده القدرة على الاجتهاد ,
فالأصل إتباع الدليل فقط هنا في باب الفقه...
أما العقيدة فكل أهل السنة متفقون بالمذاهب الأربعة وغيرها .
وهل يجوز إتباع إمام من أئمة المذاهب الأربعة ؟
أفتى العلماء كابن تيمية وابن عثيمين ومن قبلهما ومن بعدهما بالجواز ما لم يتبين أنّ الدليل خلاف الذي عليه إمامه فيجب عليه الرجوع إلى الدليل ولو خالف إمامه.
أما من لا يستطيع الاجتهاد والبحث فيجوز له تقليد من يثق به من علماء عصره , ولا يجوز عليه مخالفته بغير حجة ، بل يعد هذا من إتباع الهوى ومصلحة النفس وفي مثل هذا قيل من تتبع رخص العلماء تزندق .
**********--------**********
**********--------**********
6/ الاجتهاد :
مرتبة عليا من العلم . والمجتهد هو الذي يستفيد الأحكام بنفسه ولا يحتاج لاستفتاء غيره .
ولا يكون المجتهد مقلداً أبداً , ولو كان يتبع مذهباً معيناً لأنه لا يتبع إلا الدليل على مذهب معين , ولو خالف الدليل مذهبه لخالفه للدليل , وهم الربانيون من العلماء كأمثال ابن تيمية وابن القيم .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات