صـنـت نفسي عما يدنس نفسي
وَتَـمـاسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَهر
بُـلَـغٌ مِـن صُبابَةِ العَيشِ عِندي
وَبَـعـيـدٌ مـابَـيـنَ وارِدِ رِفْهٍ
وَكَـأَنَّ الـزَمـانَ أَصـبَحَ مَحمولا
وَاشـتِـرائـي العِراقَ خُطَّةُ غَبنٍ
لاتَـرُزنـي مُـزاوِلًا لِاخـتِباري
وَقَـديـمًـا عَـهِـدَتني ذا هَناتٍ
وَلَـقَـد رابَـنـي نُـبُوُّ ابنُ عَمّي
وَإِذا مـاجُـفـيـتُ كُـنتُ جَديرًاأَنـ
حَـضَـرَت رَحـلِيَ الهُمومُ فَوَجَّهتُ
أَتَـسَـلّـى عَـنِ الحُظوظِ وَآسى
أَذكَـرتِـنـيـهُمُ الخُطوبُ التَوالي
وَهُـمُ خـافِـضونَ في ظِلِّ عالٍ
مُـغـلَـقٍ بـابُهُ عَلى جَبَلِ القَبق
حِـلَـلٌ لَـم تَـكن كَأَطلالِ سُعدى
وَمَـسـاعٍ لَـولا الـمُـحاباةُ مِنّي
نَـقَـلَ الـدَهـرُ عَهدَهُنَّ عَنِ الجِـدَّةِ
فَـكَـأَنَّ الـجِرْمازَ مِن عَدَمِ الأُنس
لَـو تَـراهُ عَـلِـمـتَ أَنَّ اللَيالي
وَهـوَ يُـنـبيكَ عَن عَجائِبِ قَومٍ
وَإِذا مـارَأَيـتَ صـورَةَ أَنـطـاكِـيَّـةَ
وَالـمَـنـايـا مَـواثِـلٌ وَأَنوشِروانَ
في اخضِرارٍ مِنَ اللِباسِ عَلى أَصفَـرَ
وَعِـراكُ الـرِجـالِ بَـيـنَ يَدَيهِ فـي
مِـن مُـشـيحٍ يَهوى بِعامِلِ رُمحٍ
تَـصِـفُ الـعَـينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحياء
يَـغـتَـلـي فـيهِم ارتِابي حَتّى
قَـد سَـقـاني وَلَم يُصَرِّد أَبو الغَوثِ
مِـن مُـدامٍ تَـظُـنُّـها وَهيَ نَجمٌ
وَتَــراهـا إِذا أَجَـدَّت سُـرورًا
أُفـرِغَت في الزُجاجِ مِن كُلِّ قَلبٍ
وَتَـوَهَّـمـتُ أَنَّ كِسرى أَبَرويز
حُـلُـمٌ مُـطبِقٌ عَلى الشَكِّ عَيني
وَكَـأَنَّـ الإيوانَ مِن عَجَبِ الصَنعَـةِ
يُـتَـظَـنّـى مِـنَ الكَآبَةِ إِذ يَبدو
مُـزعَـجًا بِالفِراقِ عَن أُنسِ إِلفٍ
عَـكَـسَت حَظُّهُ اللَيالي وَباتَ
فَـهـوَ يُـبـدي تَـجَـلُّدًا وَعَلَيهِ
لَـمـ يَـعِبهُ أَن بُزَّ مِن بُسُطِ الدي
مُـشـمَـخِّـرٌ تَـعلو لَهُ شُرُفاتٌ
لابِـسـاتٌ مِـنَ البَياضِ فَما
لَـيـسَ يُـدرى أَصُنعُ إِنسٍ لِجِنٍّ
غَـيـرَ أَنّـي أراه يَـشهَدُ أَن لَم
فَـكَـأَنّـي أَرى الـمَراتِبَ وَالقَوم
وَكَـأَنَّ الـوُفـودَ ضاحينَ حَسرى
وَكَـأَنَّ الـقِـيانَ وَسطَ المَقاصير
وَكَــأَنَّ الـلِـقـاءَ أَوَّلَ مِـن أَمس
وَكَـأَنَّ الَّـذي يُـريـدُ اتِّـبـاعًا
عُـمِّـرَت لِلسُرورِ دَهرًا فَصارَت
فَـلَـهـا أَن أُعـيـنَـها بِدُموعٍ
ذاكَ عِـنـدي وَلَيسَت الدارُ داري
غَـيـرَ نُـعمى لِأَهلِها عِندَ أَهلي
أَيَّـدوا مُـلـكَـنـا وَشَـدّوا قُواهُ
وَأَعـانـوا عَـلـى كَـتائِبِ أَرياط
وَأَرانـي مِـن بَـعدُ أَكلَفُ بِالأَشراف
وَتَـرَفَّـعـتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ
الـتِـمـاسًا مِنهُ لِتَعسي وَنَكسي
طَـفَّـفَـتـها الأَيّامُ تَطفيفَ بَخسِ
عَـلَـلٍ شُـربُـهُ وَوارِدِ خِـمسِ
هَـواهُ مَـعَ الأَخَـسِّ الأَخَـسِّ
بَـعـدَ بَـيـعي الشَآمَ بَيعَةَ وَكسِ
بَـعـدَ هَـذي البَلوى فَتُنكِرَ مَسّي
آبِـيـاتٍ عَـلـى الدَنِيّاتِ شُمسِ
بَـعـدَ لـيـنٍ مِن جانِبَيهِ وَأُنسِ
أَرى غَيرَ مُصبِحٍ حَيثُ أُمسي
إِلـى أَبـيَـضِ المَدائِنِ عَنسي
لِـمَـحَـلٍّ مِـن آلِ ساسانَ دَرسِ
وَلَـقَـد تُـذكِـرُ الخُطوبُ وَتُنسي
مُـشـرِفٍ يَحسِرُ العُيونَ وَيُخسي
إِلـى دارَتَـي خِـلاطَ وَمُكسِ
فـي قِـفـارٍ مِـنَ البَسابِسِ مُلسِ
لَـم تُـطِـقها مَسعاةُ عَنسٍ وَعَبسِ
حَـتّـى رَجَعنَ أَنضاءَ لُبسِ
وَإِخـلالِـهِ بَـنِـيَّـةُ رَمـسِ
جَـعَـلَـت فـيهِ مَأتَمًا بَعدَ عُرسِ
لايُـشـابُ الـبَـيـانُ فيهِم بِلَبسِ
اِرتَـعتَ بَينَ رومٍ وَفُرسِ
يُزجى الصُفوفَ تَحتَ الدِرَفسِ
يَـخـتالُ في صَبيغَةِ وَرسِ
خُفوتٍ مِنهُم وَإِغماضِ جَرسِ
وَمُـلـيـحٍ مِـنَ الـسِنانِ بِتُرسِ
لَـهُـم بَـيـنَـهُم إِشارَةُ خُرسِ
تَـتَـقَـرّاهُـمُ يَـدايَ بِـلَـمسِ
عَـلـى العَسكَرَينِ شَربَةَ خُلسِ
ضَـوَّأَ الـلَـيلَ أَو مُجاجَةُ شَمسِ
وَارتِـيـاحًـا لِـلشارِبِ المُتَحَسّي
فَـهـيَ مَـحـبوبَةٌ إِلى كُلِّ نَفسِ
مُـعـاطِـيَّ وَالـبَـلَهبَذَ أُنسي
أَم أَمـانٍ غَـيَّـرنَ ظَنّي وَحَدسي
جَوبٌ في جَنبِ أَرعَنَ جِلسِ
لِـعَـيـنَـي مُصَبِّحٍ أَو مُمَسّي
عَـزَّ أَو مُـرهَـقًا بِتَطليقِ عِرسِ
المُـشـتَري فيهِ وَهوَ كَوكَبُ نَحسِ
كَـلـكَلٌ مِن كَلاكِلِ الدَهرِ مُرسي
بـاجِـ وَاستَلَّ مِن سُتورِ الدِّمَقسِ
رُفِعَت في رُؤوسِ رَضوى وَقُدسِ
تبصِـرُ مِـنـهـا إِلّا غَلائِلَ بُرسِ
سَـكَـنـوهُ أَم صُـنعُ جِنٍّ لِإِنسِ
يَـكُ بـانـيـهِ في المُلوكِ بِنُكسِ
إِذا مـا بَـلَـغـتُ آخِـرَ حِسّي
مِـنـ وُقوفٍ خَلفَ الزِحامِ وَخنسِ
يُـرَجِّـعـنَ بَـينَ حُوٍ وَلُعسِ
وَوَشـكَ الـفِـراقِ أَوَّلَ أَمسِ
طـامِـعٌ في لُحوقِهِم صُبحَ خَمسِ
لِـلـتَـعَـزّي رِبـاعُهُم وَالتَأَسّي
مـوقَـفـاتٍ عَلى الصَبابَةِ حُبسِ
بـاِقتِرابٍ مِنها وَلا الجِنسُ جِنسي
غَـرَسـوا مِن زَكائِها خَيرَ غَرسِ
بِـكُـمـاةٍ تَـحتَ السَنَّورِ حُمسِ
بِـطَـعنٍ عَلى النُحورِ وَدَعسِ
طُـرًّا مِـن كُلِّ سِنخِ وَأُسِّ