أيها الأخوة الكرام، كلام دقيق جداً لا سمح الله ولا قدر لو أن إنساناً أصابه الله لحكمة بالغة بمرض عضال، يمكن أن يكون هناك عملية جراحية لكنها غالية جداً، بعض العمليات كزراعة الكبد تكلف من ستة ملايين إلى عشرة ملايين، نجاح العملية ثلاثون بالمئة، فلو أن إنساناً لا سمح الله ولا قدر أصيب بتشمع كبد، فموته محقق، عنده بيت ثمنه عشرة ملايين، باعه وأجرى هذه العملية، ماذا نستنبط من هذا السلوك ؟ هناك مال، وهناك وقت، أيهما أغلى عنده ؟ الوقت، لأنه ضحى بالمال كله من أجل أن يعيش بضع سنوات، من دون عملية ميت، بالعملية يعيش سنتين، ثلاثة، ستة أشهر، ثمانية أشهر، ضحى بكل ما يملك من أجل بضع سنوات، فالمال أقل من الوقت عند الإنسان، والوقت أثمن من المال، بربكم لو جاء إنسان وقف هنا، وأمسك خمسمئة ألف ليرة وأحضر وعاء وأحرقها أمامكم، بماذا تحكمون عليه ؟ بالجنون، هناك عبارة ألطف تنعته بالسفه، هذا سفيه، فإذا كان الوقت أغلى من المال، فإتلاف الوقت ماذا تعدونه ؟ يلعب طاولة ماذا يفعل ؟ يتلف وقته، هذا وقت، يقول أحدهم: سهرت للساعة الثانية وغلبته ثلاث مرات، خير إن شاء الله، ما هذه الشطارة؟ أي جلسة فيها استهلاك للوقت، لعب نرد، طاولة، شدة، برسيس، ماذا فعلت ؟
إذاً الحديث عن الطعام، أو عن النساء والعياذ بالله، أو عن الأسعار، أو عن البيوت، أو عن السيارات، هذا كلام فارغ لا يقدم ولا يؤخر:
(( مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلَّا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً ))
[ أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
(( مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ))
[ أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
.....