من أين نستقي الحقائق ؟
الحقائق تستقى من القرآن الكريم
أيها الأخوة المؤمنون ؛ من أين نستقي الحقائق إذاً ، أليس من القرآن الكريم كلام رب العالمين ودستور المسلمين ، عَنْ مَالِك أَنَّهم بَلَغَهم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ))
[أخرجه مالك ]
فماذا يقول القرآن الكريم ، يقول :
﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾
[الآية:148 سورة الأنعام]
وقال أيضاً :
﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾
[الآية:28 سورة الأعراف]
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾
[الآية:90 سورة النحل]
وقال أيضاً :
﴿قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
[سورة هود الآيات:54-56]
هذه الآيات تؤكد أن الله لم يخلق الكافر كافراً ، ولم يجبره على اقتراف المعاصي ، فالله لا يأمر بالفحشاء ، وهو على صراط مستقيم ، وقال أيضاً:
﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
[الآية:148 سورة البقرة]
وقال أيضاً :
﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً﴾
[سورة الكهف الآية:29]
﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾
[سورة الإنسان الآية:3]
وهذه الآيات تؤكد أن الإنسان حرٌّ في اختياره ، وأنه لا مسؤولية من دون اختيار .
الإنسان حر في اختياره
وأما الآيات التي تؤكد أنه من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ،
فهي أكثر من أن تحصى ، وهي كلها تؤكد أن الجنة بالعمل ، وليست بالأمل ، قال تعالى :
﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾
[الآية:30 سورة آل عمران]
﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾
[الآية:62 سورة البقرة]
﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً﴾
[سورة الكهف الآيات:107-108]
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾
[الآية:21 سورة الجاثية]
﴿وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾
[الآية:22 سورة الجاثية]
﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
[سورة الأعراف الآية:43]
﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
[الآية:14 سورة السجدة]
﴿فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
[الآية:54 سورة يس]
أيها الإخوة ؛ في القرآن الكريم ثلاثمائة وثلاث وستون آية تؤكد أن العمل هو كل شيء في حياة الإنسان، وفي آخرته ، فما لهؤلاء الناس يتعلقون بالأمل ولا يفقهون هذه الآيات ، ولا يتدبرونها ، ولا يطبقونها .
العمل هو كل شيء في حياة الإنسان
وللإمام علي كرَّم الله وجهه كلمة مضيئة في حقيقة القضاء والقدر الذي طالما تذرع به أهل الزيغ والفتن ، سئل رضي الله عنه وهو في طريقه إلى الشام : أكان مسيرنا إلى الشام بقضاء من الله وقدر ؟
فأجابه : ويحك لعلك ظننت قضاءً لازماً وقدراً حاتماً ، ولو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، وسقط الوعد والعيد ، إن الله سبحانه ، أمر عباده تخييراً ، ونهاهم تحذيراً ، وكلف يسيراً ، ولم يكلف عسيراً ، وأعطى على القليل كثيراً ، ولم يعص مغلوباً ، ولم يطع مكرهاً ، ولم يرسل الأنبياء لعباً ، ولم ينزل الكتاب للعباد عبثاً ، ولا خلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً ، وذلك ظن الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار ".
رضي الله عنك يا سيدنا علي بن أبي طالب ، وقد صدق رسول الله حيثما قال :
((أنا مدينة العلم وعلي بابها))
[أخرجه الترمذي]
قال تعالى :
يا قوم قد أبلغتكم رسالات ربكم ونضحت لكم فهل تسمعون من الناصحين ،
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾
[الجاثية الآية:15 سورة ]
أيها الأخوة الكرام ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وصلوا ما بينكم وبين ربكم تسعدوا ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .
فأين أنتم عباد الله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟