توقع مختصون استمرار أزمة حليب الأكياس ثلاثة أشهر أخرى، نظرا للإجراءات الإدارية المعقدة التي يتطلبها استيراد كميات إضافية من غبرة الحليب لتزويد الملبنات، وتغطية الطلب المتزايد عليها، مما سيجبر المواطنين على اللهث يوميا للظفر بكيس من الحليب.
وتعيد أزمة الحليب التي ما فتئت تعود بعد أن عالجتها الحكومة باتخاذ إجراءات ترقيعية، إلى الأذهان أزمة الزيت والسكر التي حركت شوارع العاصمة وولايات أخرى قبل سنتين، حيث خرج مواطنون للاحتجاج على ارتفاع أسعار هاتين المادتين الأساسيتين دون أن يجدوا تفسيرات ومبررات موضوعية لهذا الارتفاع، فقد جعلت أزمة الحليب الأسر البسيطة تعيش على هاجس يتجدد عند بداية كل يوم، وهو الظفر بكيس من هذه المادة الأساسية التي تشكل ركيزة القوت اليومي للجزائريين، فأضحى النقاش حول سبب عودة أزمة الحليب من جديد، يزاحم الجدل القائم بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة وما يلفها من غموض، في ظل تأكيد مختصين في مجال إنتاج الحليب، بأن الأزمة ستطول لأشهر أخرى، لأن اقتناء كميات إضافية من السوق الدولية يتطلب أولا إجراء مناقصة يتم نشرها عبر الصحف، لاختيار المتعامل المناسب الذي يستغرق بدوره مدة لا تقل عن شهر لجمع الكميات المطلوبة، التي يتم تعليبها ثم توزيعها على المنتجين، وتدوم العملية ككل فترة لا تقل عن الثلاثة أشهر، سيحبس خلالها المواطنون أنفاسهم بسبب ندرة الحليب.
ويلخص رئيس اللجنة الوطنية متعددة المهن لمنتجي الحليب، محمود بن شكر، "للشروق" أزمة حليب الأكياس في سوء التسيير، ويؤكد بأن السبب الأول في هذه الأزمة يتمثل في ارتفاع سعر المادة الأولية أي غبرة الحليب في السوق الدولية بنسبة 100 بالمئة، وانعكس ذلك بوضوح على تراجع الطلب على الحليب المعلّب بنوعيه السائل المعقم في درجات حرارة جد مرتفعة لتمديد فترة حفظه، أو الصلب وهما لا يخضعان لدعم الدولة، الأمر الذي جعل المواطنين يفضّلون استهلاك هذا النوع من الحليب، فتوجهت هذه الفئة إلى اقتناء حليب الأكياس البلاستيكية الذي تدعمه الدولة، مما أدى إلى زيادة الطلب عليه بشكل تجاوز بكثير الكميات التي توفرها الملبنات على مستوى كل ولاية.
وأضاف المتحدث بأن توزيع غبرة الحليب على الملبنات يخضع لإجراءات صارمة، وللجنة خاصة تضم قطاعات مختلفة من بينها المالية والفلاحة والتجارة، وذلك في رده على سؤال يتعلق بإمكانية وجود تحويل لغبرة الحليب المدعمة عن مسارها، واستخدامها في صناعة الأجبان والياغورت وغيرها من المواد المشتقة، مما إدى إلى ندرة حليب الأكياس، قائلا بأن توزيع الكوطات أو الحصص على الملبنات يتم من خلال مراعاة احتياجات كل ولاية، وكذا الطاقات الإنتاجية للملبنات التي تعد ـ حسب المتحدث ـ مسؤولة عن تغطية الطلب.
الملبنات والموزعون في قفص الاتهام
ويفسر المكلف بالاعلام باتحاد التجار والحرفيين، حاج طاهر بلنوار، ندرة حليب الأكياس بقلّة الكميات التي توزع يوميا على التجار عكس تطمينات وزارة التجارة، معتقدا بوجود طريقتين لتحويل غبرة الحليب المستورة بالعملة الصعبة، إذ يتم تحويل جزء منها على مستوى الملبنات، أي المصانع التي توفر حليب الأكياس البلاستيكية، والتي يبرر أصحابها الأزمة بقلّة الإمكانات التي توفرها الجهات المختصة، والتي قدرتها وزارة التجارة، بأزيد من 140 ألف طن سنويا من غبرة الحليب، وتساءل ممثل اتحاد التجار عن الوجهة الحقيقية التي تتخذها الكميات المتبقية.