وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((تكون فتن لا يستطيع أن يغير فيها بيد ولا بلسان ))
[السنن الواردة في الفتن للداني عن عمير بن هانئ]
أي هناك فتن ضمن إمكانات المسلمين أن يغيروها، ولكن هناك فتن أخرى يقف المسلم إزاءها عاجزاً لا يستطيع أن يغيرها لا بيده ولا بلسانه.
(( قال رجل : يا رسول الله! وفيهم مؤمنون يومئذ؟ قال: نعم، قال: فهل ينقص ذلك من إيمانهم؟ قال: لا إلا كما ينقص المطر على الصفا ))
[السنن الواردة في الفتن للداني عن عمير بن هانئ]
الضعيف ماذا يملك ؟ ماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الطائف ؟ اللهم أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، إذا كان عنده إمكان فعليه ألا يدخر وسعاً، وإذا كان عنده إمكان أن يغير هذه الفتنة بيده أو بلسانه فعليه ألا يدخر وسعاً، ولكن إذا كان في زمن صعب وهو ضعيف فليقف مكتوف الأيدي، وليستنكر بقلبه.
عن علي رضي الله عنه قال:
(( سيأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا يبقى من القرآن إلا رسمه ))
[السنن الواردة في الفتن للداني عن علي رضي الله عنه]
الكتاب أي القرآن، فإذا كان مطبوعاً طباعة أنيقة، ويوضع في أجمل مكان في البيت، وللبيت مظاهر إسلامية، والمساجد فخمة مزخرفة، والناس يعتزون بأنهم مسلمون، ولكن حلقاتهم اليومية، دخلهم، حركاتهم، علاقاتهم بغيرهم، ليس أساسها الإسلام، أساسها ما تعارف عليه الناس من عادات وتقاليد فهم غثاء، ذات مرة والقصة قديمة جداً كنت أصلي في بعض المساجد، وخرجت مع بعض المصلين، فإذا رجل يتجه إلى سيارته، وفيها امرأة تبدو أنها زوجته وهي بمظهر فاضح جداً، ترتدي ثياباً مبتذلة، قلت هذا كيف يتوازن ؟ كيف يسمح لزوجته أن تكون بهذا الشكل وهو يدخل المسجد ليصلي؟ نقول له: نحن نصلي صلاة فرض ولكن ما هذا التناقض ؟ النبي الكريم يقول حديثاً لو فهمناه فهماً عميقاً لكان لنا شأن آخر.
لو أن في الأمة المحمدية أمة الاستجابة لا أمة التبليغ، لو أن فيها هذا العدد فلن نغلب من قلة، المسلمون يعدون ألف مليون، ألف مليون، لذلك يبدو أنه لم يبق من الإسلام إلا اسمه على مستوى المجموع ولا من القرآن إلا رسمه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، وهم بعيدون عن الدين بعداً شديداً، فأنت تراهم كأنهم ليسوا من بني البشر لقسوة قلوبهم، ولغلظة طباعهم، ولأنانيتهم، ولأثرتهم، ولاتجاههم نحو الأذى والشر.
هناك بلاد متمدنة على مقياس العصر، يقول لك: راقية، ناطحات سحاب، عمارات، أبنية، حدائق، جمعيات الرفق بالحيوان، يقولون لك: أمة متحضرة، أمة متمدنة، حقوق الإنسان من أعلى مستوى، هؤلاء الذين تراهم أو تتوهمهم هكذا تفاجأ أنهم وحوش.
طبعاً هذه صفات وردت على لسان سيدنا رسول الله في الحديث الذي رواه عمر ابن الخطاب، وله طريق آخر من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر.
...