عادات وتقاليد الجنوب الجزائري[عدل]
يعمل المجتمع على المحافظة على كيانه، بالتّمسك بمجموعة من السّلوكيات التّي تعبّر عن أصالته وثقافته
و تميّزه عن غيره من المجتمعات يطلق عليها العادات والتّقاليد، وباعتبار العادات والتّقاليد جزء من الهوية
الثّقافية والّتراث الوطني، تعترف كل دولة بأنّ واجب القيام بتعيين التّراث الثّقافي والطّبيعي... الذّي يقوم
في إقليمها وحمايته والمحافظة عليه وإصلاحه ونقله إلى الأجيال المقبلة، يقع بالدّرجة الأولى على عاتقها، وسوف
تبذل كل دولة أقصى طاقتها لتحقيق هذا الغرض
تختلف العادات والتّقاليد من بلد إلى آخر بل من منطقة إلى أخرى ففي الجزائر مثلا نجد اختلافا واسعا بين سكان
الشّرق والغرب على غرار الشّمال والجنوب،وهنا نذكر بصفة خاصّة سكان الجنوب الصّحراوي الجزائري ،الذّين يتميّزون
بتمسك شديد للعادات والتّقاليد عبر ممر العصور،فهي تضرب في عمق الأصالة لديهم ،وتعكس مدى حبهم للبساطة.
يعتبر سكان الجنوب العادات والتّقاليد مرآة عاكسة لمقوماتهم الشّخصية والفكرية ،كما يعتبرونها منبعا للفخر والأعتزاز.
المجتمع الجزائري غني بالعادات والتّقاليد وهي تمثّل رمزأصالته وامتداد جذوره في التّاريخ البعيد ،فلكل طريقته و
أسلوبه في ممارستها،وهي تختلف من ولاية لأخرى ومن فئة لأخرى مثل تندوف ،بشار، الجلفة،والبدو الرّحل......
ومن العادات والتّقاليد التّي يزخربها الجنوب الجزائري مايلي:
تندوف
الزي التقليدي
يتسم الزي التقليدي التندوفي بالخصائص التالية:
بالنسبة للرجال: يتكون من الدراعة والتي هي عبارة عن قماش من الحرير مشقوقة من الجانبين تتلائم
والطبيعة الصحراوية تحمل طرز في الأعلى وتتدلى الجيوب بالإضافة إلى القميص أوالعباءة وسروال( ستم ) والقشـاط
(حزام) والنعل.
بالنسبة للنساء: يوجد ما يسمى بالملحفة و هي عبارة عن قماش عريض مختلف الألوان منها الرفيع و المتوسط.
التظاهــرات و الأعيــــاد
معروف سيدا حمد الرقيبي
يحتفل به سنويا عشرة أيام بعد المولد النبوي الشريف وهي عادة موروثة من جيل لآخر تدوم هذه الأخيرة لمدة
أسبوع تذبح فيها الجمال و تنظم مآدب للغداء والعشاء لفترة ثلاثة أيام لأهل المدينة و أبناء السبيل و
تتخللها إستعراضات فلكلورية محلية ومزيج من الطبول و الفنون الشعبية.
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
الذي يعتبره سكان المنطقة الليلة التي لاينام فيها الناس حتى مطلع الفجر تقام عادة في المساجد و البيوت
و يؤخذ في المدح حتى ساعات متأخرة من الليل .
الاحتفال بموسم سيدي محمد المختار بالعمش
يوم10 أكتـوبر من كــل سنــــة.
الأكلات الشعبيــة : يمتاز المطبخ التندوفي بأطباق مختلفة شعبية خاصة منها: البنافة، بلغمان،
تيدقيت،و لمريس وهي تمثل لهم ألذ اللأطباق الرّئيسية.
البدو
قد كان لتشبث أهل البادية بقيمهم العربية العريقة، وبتعاليم دينهم الإسلامي، وحفظ القرآن وترتيله
دور كبير في نقاء لغتهم، وتواصل تقاليده. وتبعاً لطبائع البدو الذي يميلون بالفطرة، في اختيار أماكن إقامتهم، إلى
البطاح الشاسعة الواسعة، فقد وجدوا في الجنوب الجزائري، أنسب مكان لحلهم و ترحالهم.إنّ الاتصالات الدائمة بين
البدو، والحضر، لم يكن لها أي تأثير سلبي على عادات وتقاليد أهل البادية، بل بالعكس كان للبدو في كثير من الحالات
تأثير بالغ الأثر، في نفوس وعادات وتقاليد أهل المدن. لما يتسم به البدوي، من عفوية، وذكاء وحسن سلوك،
ولما يمتاز به من شهامة، و شجاعة وصدق وفصاحة وجمال في التعبير... و مقدرة في المبادرة، وسرعة
البديهة والإبداع...
فعندما رأى البدوي /الدراجة الهوائية/ أطلق عليها مباشرة اسم /الدوامة/ ... وأطلق اسم /السماع/ على المذياع،
والرفرافة على الطائرة العمودية... والبهرة، على الأنوار الاصطناعية. ولم يكن هناك شيء مستحدث يشاهده البدوي، إلا
ويعطيه اسماً يتناسب مع بعض خصائصه.
المرأة في البادية، أكثر محافظة على سلامة اللغة وإثرائها من الرجل، وذلك بسبب محافظتها التلقائية
الصارمة على عاداتها وتقاليدها الأصيلة، وعدم اتصالها بمن هم ليسوا من قومها، وشدة حذرها من الأجانب.و في الجنوب الجزائري،
نجد إلى حد الآن كثيراً من المفردات العربية، التي أصبحت في حكم النادرة نجدها مستعملة لدى السكان هناك، مثل: غبش
غامر...ينطع..يبرك... إلى غير ذلك من المفردات الكثيرة التي يصعب حصرها...
وظاهرة التفاؤل، والتشاؤم، والتطير ما زالت إلى اليوم منتشرة بين أغلبية أبناء البادية والجزائرية, لذلك فهم
يطلقون على بناتهم أسماء متفائلة مثل: مبروكة، ومسعودة، وهنية، ونعيمة، وآمنة بالإضافة إلى الأسماء العربية المعروفة
مثل فاطمة، وخديجة وزينب... وأسماء أخرى: مثل الواهمة، والناعسة، والجازية، أما الصبيان، فهم خوفاً من
الحسد وحتى يتمتع أولادهم بطول العمر، يطلقون عليهم أسماء كريهة، مثل الأعرج والأعوج والأكوص، والأطرش،
والعقون،الأحول، والأنف، والبشايب، وطبعاً يستعملون الأسماء العربية المعروفة مثل تأمر وعامر وجابر و محمد
وأحمد وزيد... وغيرها.... لا يستعملون أسماء أبنائهم ككنية لأسمائهم كما هو الحال في بدو المشرق العربي،
فلا يقولون: "أبو فلان"، أو "أم فلان"، وإنما قد يسمى الطفل منذ ولادته بكنية تابعة لاسمه، لا علاقة لها بوالديه، مثل
أبو القاسم محمد العلوي، وابن الفضل علي الزياني، وأبو زيد أحمد الإبراهيمي وهلم جرا... وقد تسمى البنت منذ ولادتها
أم السعد... أم الخير... أم الفضل... الخ. وبالنسبة للمرأة المتزوجة، فمن النادر أن تنادي أو تخاطب زوجها
باسمه الصريح، إنما تشير إليه بقولها: ... أنت... أو اسمع... أو هو.. أو هذاك...!.. نظراً لكون البدوي، بطبعه، كثير
الحركة والتجوال في أرجاء الصحراء الواسعة، فإنك عندما تسأله عن مكان ما، ويجيبك بإشارة من يده، مع حركة عمودية من
رأسه وهو يقول لك: هناك... فاعلم أنك ستسير ثلاثين أو أربعين ميلاً، حتى تصل إلى ذلك المكان.
باتنة
يتميز سكان الشرق و الجنوب الجزائري بعادات خاصة في زف العروس ، و من بينها زف العروس سيرا على الأقدام الذي يعد
تقليدا ضاربا في القدم هناك، وهي عادة أصيلة يتمسك بها سكان بلدة بوزينة التابعة لولاية باتنة، ويحرصون
على تكريسها كنمط متوارث عبر تنظيم مواكب بهيجة لزف العروس إلى بيتها سيرا على الأقدام فيما يسمى محليا بالمحفل. ويعتني
سكان القرى والأرياف الذين يمتهنون في الغالب أنشطة زراعية، بتنميق مواكب الزفاف وجعلها موّشاة بطابعها التقليدي الفريد،
وتخلو هذه المواكب من أي سيارات، هذه الأخيرة يتم ركنها جانبا، ويترجل أصحابها سيرا على الأقدام منضمين إلى المحفل الذي
تزف من خلاله العروس إلى بيت الزوجية على وقع الزغاريد وطلقات البارود الممزوجة بصوت البندير في أجواء حميمية تزيدها
مشاكسات الأطفال المحاصرين للموكب نكهة خاصة وهمهم الوحيد الحصول على القشقشة خليط من المكسرات وقطع الحلوى و
التمر تتولى إحدى العواجيز تعرف محليا بالقفافة وهي المرأة التي ترشحها أم العريس للمبيت عند العروس بين الفينة
والأخرى. ويشارك في المحفل بعض من أهل العريس والعروس، ويقضي العرف السائر أن يتقدم الرجال وتسير خلفهن النساء وهن
يرتدين أبهى ما عندهن من حلي وألبسة تتوسطهن العروس التي تميّز في هذه الجموع بالمنديل الأخضر المسدل على رأسها
كرمز للخصوبة وكذا الرزق الوفير، ويُشرف على هذا الموكب البهيج الذي يضفي جوا مميزا على القرية، شيخ غالبا ما يكون
أب العريس أو كبير عائلته، ويمتثل الكل لأوامره، فإن أمر بالإسراع أسرعوا وان أراد خلاف ذلك تريثوا على مر الطريق المؤدي
من بيت العروس إلى دار العريس. وما يميز هذا المحفل التقليدي، هي تلك الأغاني العذبة التي تنبعث من حناجر النسوة
والتي تتغير كلماتها وفق الأماكن التي يمر بها الموكب انطلاقا من الصلاة على النبي... عند خروجهن من بيت العروس،
وختاما بحلوا الباب يا لحباب.. لعروسة في فم الباب والتي على إيقاع كلماتها تدخل العروس إلى بيتها الجديد بعد أن
تقدم لها أم العريس إناءا من الطين به زبدة مملحة، أو ما يسمى بالمنطقة الدهان لتأخذ مقدارا منه بيدها وتلصقه
بالمدخل وهي عادة تمكن العروس حسب المعتقدات الشعبية بالجهة من النجاح في حياتها الجديدة والاستمرار مع زوجها إلى
أن يفرقهما الموت. ويبدي كثيرون ممن حضروا جانبا من مواكب الزفاف التقليدية، إعجابا بها وتمنوا أن تحييها
المناطق الأخرى ليس فقط لأصالتها. واعتبارها جزء من تراث المنطقة، وإنما لتجنب بعض الأحداث المأساوية التي أصبحت تحول
الكثير من الأعراس إلى مآتم بسبب التهور وتحويل مواكب الزفاف إلى مضامير للسباق، بيد أنّ العديد ممن عايشوا أعراس زمان
تحسروا على غياب جوانب أخرى من المحفل التقليدي وفي مقدمتها الشاوش الذي كان يحمل العروس والترصد ل"القفافة" بغية
سلبها قفة القشقشة وغيرها من العادات التي قضت عليها العصرنة.[1]
بشار
على غرار باقي ولايات الجنوب الجزائري ،لسكان منطقة بني عباس بولاية بشارأساليب وطقوس خاصة في الإحتفال بالمولد النّبوي الشّريف. فانّ
أبناءها يجدون الجمال في كل شيء له علاقة بحياتهم البسيطة في ظاهرها، و العميقة في فلسفتها التي أوجدت طقوسا ، عادات وتقاليد تكسر
صمت الصحراء وتساعدهم على تحمّل قسوة الطبيعة ،فصمدت هذه العادات و التقاليد لقرون إلى وقتنا هذا . ولم تفلح الغزوات التي
عرفتها المنطقة قديما في اقتلاعها من جذورها التي هي وجدان الأهالي. و لعلّ أهم ما يلفت الانتباه من العادات الأصيلة لسكان منطقة الساورة
بالجنوب الغربي الجزائري و على بعد 1000كم من الجزائر العاصمة هو طريقتهم في إحياء ذكرى مولد خير الأنام ، لنبي محمّد عليه الصلاة و
السلام و التي توارثوها أبا عن جد ، فارتبطت بوجدانهم كأكبر موسم للاحتفال يجمع شمل المجتمع و تطغى فيه مظاهر التكافل الاجتماعي و
البهجة و الفرحة و الاحتفال ، كيف لا و هو اليوم الذي احتضن فيه الكون مخلّص البشرية البشير الهادي النبي محمّد عليه الصلاة و السلام فحق
لهم أن يقيموا هذا الاحتفال الذي يدوم اثني عشر يوما ابتداء من مطلع شهر ربيع الأوّل. الفرحة بمولد الهادي: تعرف ديار الساورة ابتداء
من مطلع شهر ربيع الأول تحضيرات لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، إذ تسمع من المساجد و الزوايا و المدارس القرآنية قراءات جماعية
للبردة و الهمزية ، وتحضّر النسوة الحنّاء و في البيوت لتخضب أيدي النساء و الأطفال و لا سيّما الذكور منهم الّذين يختنون بمناسبة المولد
النبوي الشريف . كما تحضّر النسوة الأطعمة التقليدية الرئيسية التي تقدم يوم الاحتفال و لعل أهمها "الكسكس" و"البركوكس" و يعرف في
المنطقة ب"المردود" إضافة إلى "الروينة" و هي عبارة عن خليط من مسحوق القمح و الفول السوداني و السكر و بذور نباتات عطرية تعرف في
المنطقة ب"حبة حلاوة و البسباس" ،وهو خليط عادة ما يقدم مع الشاي و الحلوى بمناسبة إنعام إحدى الأسر في المنطقة بمولود جديد. و تبركا
بهذه المناسبة العظيمة يكثر عقد القران و الأفراح بكل أشكالها من عرس و خطوبة و إبرام عقود و الشروع في مشاريع جديدة لتكون ذكرى مولد
خير الأنام عليه الصلاة و السلام ذكرى لكل الأفراح و المناسبات السعيدة . لتشد الرحال يوم اثني عشر ربيع الأول إلى مختلف الزوايا في
المنطقة التي تقيم احتفالات دينية بهذه المناسبة فترى القصر العتيق للقنادسة و الذي يضم زاوية الولي الصالح سيدي محمد بن بوزيان
يزدان بالأطفال و هم بألبستهم الجديدة يسعدون و يدركون قدسية الاحتفال الذي ينتظرونه ليعيشوا هذا الفرح. و نفس المنظر بتفاصيل أكثر
جمالا نراها في زاوية سيدي سليمان بوسماحة بمدينة بني ونيف ، و زاوية سيدي أحمد بن موسى بكرزاز و غيرها من زوايا المنطقة. بني عباس
دهشة الفرجة و روعة الاحتفال إن الحديث عن أميرة العرق الغربي الكبير مدينة بني عبّاس هو حديث عن احتفال شعبي كبير بذكرى المولد
النبوي الشريف ، احتفال يجعلك تقف مشدوها و كأنّك انتقلت إلى كوكب آخر هواؤه الفرح و إكسير الحياة فيه تلاحم اجتماعي لا نظير له . بني
عبّاس المدينة الأميرة والتي تبعد عن مقر ولاية بشار بحولي 250 كم و 1250كم عن الجزائر العاصمة ، هي مدينة التفاصيل الجميلة كلها
،تمتزج فيها عراقة التاريخ بسحر الطبيعة و الخرافة بالشواهد التاريخية في هذه المدينة الفاتنة . واحة العقرب ، الكهف العجيب المعروف
بغار الذيبة ، عين الماء الجارية الغريبة ، أجمل منظر لغروب الشمس من أعالي العرق الغربي الكبير ،نجد فيها أيضا النقوش الصخرية ،
الأدوات التي استعملها رجل العصر الحجري ، الغابة المتحجرة وغيرها من التفاصيل الجميلة التي تحرّك في الإنسان الرغبة في زيارتها و شد
الرحال إليها ، لكن أعجب من هذا كله تلك الاحتفالات الشعبية التي يقيمها الأهالي إحياء لذكرى المولد النبوي الشريف ، لقد توارثوها عن
أجدادهم يقدسونها و يسعدون بها، بكل تفاصيلها. و حسب الباحث في الثقافة الشعبية الأستاذ عدّة محمّد تنفرد مدينة بني عباس بكون هذا
الاحتفال فيها شعبي لا تتدخل أية جهة رسمية في تنظيمه أو تمويله ،فتفاصيل نظامه حددها الأجداد و توارثها الأبناء ، و الأهالي هم من
يموله. مع مطلع شهر ربيع الأول تبدأ التحضيرات لهذا الاحتفال الكبير ، تحضيرات داخل المساجد بترديد البردة و الهمزية بشكل جماعي و بعد
صلاة العشاء يخرج الأهالي إلى الساحة المخصصة للاحتفال ليقيموا حلقة تعرف لديهم ب " محمد صلوا عليه " يقف فيه كل أبناء مدينة بني عباس
على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية و الثقافية ،يرتدون اللباس التقليدي المتمثل في العباءة البيضاء و "الشاش " الأبيض الذي يضعونه على
رؤوسهم يحملون البنادق مردّدين بصوت واحد أهازيجهم الشعبية الجميلة " محمد صلو عليه" و يطلقون البارود في تناغم أخاذ مع زغاريد
النسوة وهي زغاريد تختلف عن الزغاريد في الأيام العادية . فتتحول بني عباس إلى مدينة لا تنام ليخيّل إليك بأنّها تزف إلى فرح لا متناهي.
داخل البيوت يحضر الرجال البارود الذي يعطي للاحتفال نكهة خاصة ،و في يوم الثامن من ربيع الأول تحضر النسوة ما يعرف عندهم ب "حبوس " و
" مناتة " و هما عبارة عن أطباق الكسكس الذي يعرف في المنطقة ب "الطعام"، يقدم لضيوف بني عباس أيام الاحتفالات ، يقال سمي حبوس لأنه
وقف على عائلة من بني عباس على عاتقها تقع مسؤولية تحضير هذا الطعام ، ومناتة أصلها الطعام لمن أتى إذ يحمل الطعام إلى المساجد
ليأكل كل من جاء إلى بني عبّاس ليشاركهم فرحة ذكرى مولد خير الأنام عليه الصلاة و السلام . كما تقيم النسوة ما يعرف "بالحضرة" داخل
البيوت وهي عبارة عن مدائح دينية تعبر من خلالها المرأة عن فرحتها بمولد الهادي ومن جملة الكلمات التي يرددنها : خيري سعدي على محمّد
ودني مولانا بخيار الذكر و في اليوم الحادي عشر من ربيع الأول يقوم الأهالي بصباغة أضرحة أولياء الله الصالحين باللّون الأبيض و هو ما يعرف
لديهم ب " التجيار". و بعد صلاة العصر من نفس اليوم تنطلق مسيرة تلاميذ الزوايا والمدارس القرآنية لزيارة أضرحة أولياء الله الصالحين
ليجتمعوا بعد ذلك بالأهالي في الساحة المخصصة للاحتفال لتقام الحلقة الكبرى ل "محمد صلوا عليه " و التي يجب أن ينضم إليها كل من كان
أصله من بني عباس ، حتى ولو كان مقيما خارج أرض الوطن . إنها احتفالات تعكس التكافل الاجتماعي التلاحم ، التماسك و التركيز الأحفاد
ليحافظوا على هذه العادات و التقاليد الاحتفالية بذكرى مولد خي ر الأنام محمّد عليه الصلاة و السلام . المدينة لا تنام ليلة 12 ربيع الأول
إذ يلتف الأهالي و الزائرون ضيوف بني عباس في جموع كبيرة للاستمتاع بحلقة الراقصين "محمد صلوا عليه" يؤدون الأهازيج و يطلقون البارود و
يصفقون ، يبهرك منظرهم بلباسهم التقليدي الموحد و بحماسهم في إنجاح الحلقة فلا مجال للخطأ . كما يلفت انتباهك بعض الرجال وهم يحملون
صبية صغارا احتفالا بختانهم بمناسبة المولد النبوي الشريف يلبسونهم لباسا تقليديا يحملون في أيديهم الصغيرة سعف النخيل ، إنهم على
صغر سنّهم يدركون بأنّ ما يحدث شيء رائع يبعث في الأجواء الفرح. أمّا في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول و هو تاريخ ميلاد المصطفى عليه
الصلاة و السلام فيأخذ الاحتفال شكلا آخر و فيه يخرج الرجال الذين كوّنوا طيلة الاحتفالات" حلقة محمد صلوا عليه" ليجوبوا بساتين المدينة
التي هي مصدر رزق الأهالي و كأنّهم يدعونها لمشاركتهم الفرحة الكبرى بميلاد الهادي ، كما ينزلون إلى القصر العتيق يجوبونه و يطلقون
البارود يريدون كسر صمت المكان فهذه ذكرى مولد الهادي الكون كله بكل جزئياته مدعو للفرح ،للتهليل و التكبير و يستمر رجال الحلقة في
هذه الجولة و الأهالي و الزائرون يتبعونهم ، يرددون أهازيجهم ، يصفقون والنساء يزغردن زغرودة المولد . إنها لمشاهد عظيمة، الوجدان و
حده القادر على التقاطها لتمتلئ النفس نشوة وفرحا بهذا الاحتفال المثير والذي تنفرد به مدينة بني عباس، ليبقى راسخا مرتبطا بالمدينة
الأميرة بني عبّاس. السبوع في تميمون ، الفرح الأسطوري: إذا كانت مدينة بني عباس التابعة لولاية بشار تنفرد بأسبوع كامل من الاحتفالات
بذكرى المولد النبوي الشريف.
أدرار
انّ مدينة تيميمون التابعة لولاية أدرار الواقعة على بعد 1600كم عن الجزائر العاصمة تنفرد بإقامة " سبوع المولد النبوي" . والسبوع
في ثقافة أهل المنطقة هو العقيقة التي تقام في اليوم السابع من ازدياد مولود جديد ، و أهالي تيميمون بهذا الاختيار يعبرون عن مدى
حبهم للرسول الأعظم عليه الصلاة و السلام ، إذ يحتفلون بذكرى مولده و كأنّه مرّ على مولده أسبوع فقط و كأنّه بيننا نسعد بصحبته. تقام
الاحتفالات بسبوع المولد النبوي في زاوية سيدي الحاج بلقاسم التي تقع في مدخل تيميمون و تضم شيخ شيوخ الزوايا بتيميمون تعرف بالزاوية
الكبيرة . والاستعداد له يكون ابتداء من صباح اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ، إذ تنطلق المسيرة الكبرى لشيوخ و رواد الزوايا من
زاوية الدباغ ، شروين ، أولاد سعيد ، أوقروت ، وغيرها من قصور تيميمون في اتجاه الزاوية الكبيرة ، زاوية سيدي الحاج بلقاسم ليصلوا في
اليوم السابع حاملين الأعلام التي تشير إلى زواياهم ليقفوا عند ما يعرف ب "الحفرة " و هي منخفض من الأرض يوجد على بعد خمسة كم جنوب
تيميمون ،ليجدوا جموع الأهالي والزائرين في انتظارهم جالسين على تراب تلك الحفرة. وبمجرد وصول وفود الزوايا يقرأ الجالسون على تراب
الحفرة فاتحة الكتاب لتبدأ بعد ذلك " الحضرة "و هي لون فلكلوري تؤدى من خلاله المدائح الدينية ، يحاول بها الأهالي التقرب إلى الله عز و
جل و التعبير عن حبهم للنبي محمد عليه الصلاة و السلام . و حسب ما ذكره لنا الأستاذ بلغيث محمد باحث في الموروث الشعبي للمنطقة بأنّ أصل
هذا التجمع الكبير هو موسم الحج إذ كان الأهالي في القرون الماضية يعبرون من ذلك المكان في الاتجاه إلى الحجاز لأداء فريضة الحج و كان
هذا يستغرق منهم تسعة أشهر، لذلك يخيّل إليك و أنت تحضر "سبوع المولود" بتيميمون و كأنّك أمام جموع الحجيج . هذه هي فلسفة الفرح التي
بها يصنع أهالي ديار الساورة و الواحة الحمراء تيميمون أفراحهم ، ليعطوا للحياة طعما أجمل وللّحظات معنى أعمق ، ولذكرى المولد النبوي
الشريف ذكريات لا تمحى من الذاكرة.[2]